من حديث (القضاة ثلاثة: اثنان في النار، وواحد في الجنة الشيخ الإمام ابن باز رحمه الله

من حديث (القضاة ثلاثة: اثنان في النار، وواحد في الجنة الشيخ الإمام ابن باز رحمه الله

صحيح
By -
0
كِتَابُ الْقَضَاءِ

1397- عَنْ بُرَيْدَةَ  قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: الْقُضَاةُ ثَلَاثَةٌ: اثْنَانِ فِي النَّارِ، وَوَاحِدٌ فِي الْجَنَّةِ: رَجُلٌ عَرَفَ الْحَقَّ فَقَضَى بِهِ، فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ، وَرَجُلٌ عَرَفَ الْحَقَّ فَلَمْ يَقْضِ بِهِ، وَجَارَ فِي الْحُكْمِ، فَهُوَ فِي النَّارِ، وَرَجُلٌ لَمْ يَعْرِفِ الْحَقَّ، فَقَضَى لِلنَّاسِ عَلَى جَهْلٍ، فَهُوَ فِي النَّارِ. رَوَاهُ الْأَرْبَعَةُ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ.

1398- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله تعالى عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَنْ وَلِيَ الْقَضَاءَ فَقَدْ ذُبِحَ بِغَيْرِ سِكِّينٍ. رَوَاهُ أحمد، والأربعة، وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَابْنُ حِبَّانَ.

1399- وَعَنْهُ رضي الله تعالى عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إِنَّكُمْ سَتَحْرِصُونَ عَلَى الْإِمَارَةِ، وَسَتَكُونُ نَدَامَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَنِعْمَتِ الْمُرْضِعَةُ، وَبِئْسَتِ الْفَاطِمَةُ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.

أما بعد: فهذا كتاب القضاء، ذكر بعض الأحاديث المتعلقة بالقضاء والإمارة، وأن المقام مقام خطير، وأن الواجب على مَن تولى شيئًا من ذلك أن يتَّقي الله، وأن يُراقب الله، وأن يحرص على إصابة الحقِّ، ولهذا يقول ﷺ: القُضاة ثلاثة: قاضيان في النار، وقاضٍ في الجنة، هذا يُفيد الخطر، وأنَّ الأمر يحتاج إلى عنايةٍ وصبرٍ حتى يعرف الحقَّ ويقضي به، «فمَن عرف الحقَّ وقضى به فهو في الجنة»؛ لأنه مصلحٌ، نافعٌ للناس، موصلٌ الحقَّ إلى أهله، فهذا له الجنة، وله الفضل العظيم، الذي يقضي للناس على علمٍ، أما مَن قضى للناس على جورٍ، ويعلم أنه جورٌ، أو على جهالةٍ، فهذا مُتوعَّدٌ بالنار -نسأل الله العافية.

ويُفيد هذا وجوب الحذر من القضاء بغير علمٍ، أو القضاء بغير الحقِّ، من أجل هوى، أو قرابة، أو عداوة، أو غير هذا، أو رشوة، ففي هذا الخطر العظيم.

والثاني: يقول ﷺ: مَن ولي القضاء فقد ذُبِحَ بغير سكينٍ؛ لأنه خطر، مقامه خطير مُتعب، ومَن ذُبح بغير سكينٍ يتعب، متى تزهق روحه بسبب التَّعب، المعنى أنه ولي أمرًا عظيمًا خطيرًا مُتعبًا، فليتَّقِ الله فيه، وليصبر، وليتحرَّ الحقَّ، حتى تكون له السَّعادة.

والثالث: يدل على خطورة الإمارة، والقضاء نوعٌ من الإمارة، والإمارة فيها خطرها أيضًا؛ لأنَّ صاحبها ينفذ الأوامر، وينفذ أحكام القُضاة، ويتصرف بما يصلح للبلد، فهو على خطرٍ، ولهذا قال ﷺ: إنَّكم ستحرصون على الإمارة، وإنها خزي وندامة، إلا مَن أخذها بحقِّها، وأدَّى الذي عليه فيها، فالواجب على مَن تولى الإمارة على قبيلةٍ، أو في بلدةٍ، أو قريةٍ أن يتحرَّى الحقَّ.

فنعمت المرضعة لما تدر على صاحبها من متاعٍ زائل، وبئست الفاطمةُ لأنَّ مَن اعتادها وأنس بها قد يجور، وقد يظلم لأجل تحصيل المال، فالواجب الحذر، أما إذا اتَّقى الله فصاحبُها على خيرٍ، ينفذ الحقَّ، ويمنع الظلم، ويوصل الحقَّ إلى مُستحقه، هذا فيه خيرٌ عظيمٌ، فمَن أدَّى الحقَّ، وأوصل الحقَّ إلى أهله، فله أجرٌ عظيم، أما مَن استعان بها على باطل، أو كسب المال، فهو على خطرٍ عظيمٍ، ولهذا قال: ستكون ندامة يوم القيامة، إلا مَن أخذها بحقِّها، وأدَّى الذي عليه فيها.

نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

إرسال تعليق

0تعليقات

Please Select Embedded Mode To show the Comment System.*

#buttons=(Ok, Go it!) #days=(20)

Our website uses cookies to enhance your experience. Check Now
Ok, Go it!